lundi 2 mai 2011

قرية أبو قمحة هجرها معظم سكانها وصمدت كنيستها




عبرها مار جرجس وحوافر حصانه محفورة في صخرتها

كنيسة مار جرجس في أبو قمحة. الصخرة.
قرية أبو قمحة في منطقة حاصبيا، صغيرة المساحة ومنازلها لا تتعدى الثلاثين منزلاً، إلا ان جذورها ضاربة في عمق التاريخ.
ترك سكان ابو قمحة قريتهم الى مناطق لبنانية أخرى، ولم يبقَ مقيماً مفيها إلاّ القليل، إذ بالكاد أن تلتقي بأحدهم اذا قصدتها.

رغم وجودها الوادع في قلب ذاك الوادي المحاصر بأشجار الزيتون والسنديان، فمن نِعم الله عليها أن لها شفيعاً همو مار جرجس الذي حلّ فيها ذات يوم لأكثر من ألف عام، تاركاً أثراً لم تمحه السنون.

بنيت كنيسة مار جرجس في وسط قرية ابو قمحة منذ مطلع القرن الماضي، وأصبح شفيعها، يستجير سكانها به عند الشدة. أما التفاصيل، كما رواها لـ"النهار" مطران صيدا وصور وتوابعهما للروم الارثوذكس الياس كفوري، فهي، "ان الحملة الرومانية على بلادنا في تلك الحقبة من الزمن، كان يتقدمها شاب وسيم متحدر من عائلة كريمة تتمتع بالكرم والمناقبية العالية.

وصلت هذه القوة العسكرية الى وادي أبو قمحة، فاعترضت الخيل في الطريق الشديدة الانحدار صخرة ضخمة، فترجل هذا الشاب، الذي كان على رأس الحملة، عن حصانه وجرّه خلفه وعبر الصخرة، وإذ بحذاء الشاب ينطبع في الصخرة بعمق سنتيميترات عدة، وكذلك حوافر حصانه، ومرّا بسلام فوقها من دون بقية الفرقة.

هذا المشهد استوقف اهل تلك القرية آنذاك قبل أن يعلموا أن من حقّق هذه المعجزة هو مار جرجس نفسه". وكرت سبحة الزمان، وتم بناء كنيسة مع مطلع القرن الماضي سمّيت باسمه واصبح شفيع القرية.

كما روى مختار القرية الحالي راشد ابو راشد لـ"النهار" ان من احدى عجائب مار جرجس، "ان خليل زنقول رزق ولداً أعمى، فنذر كرم زيتون لوقف مار جرجس قبل العام 1925 اذا شفى له وحيده، وأعاد البصر اليه. وبعد اسبوع من هذا النذر، وأثناء رحلة للوالد ولابنه اسعد بين الكروم، وكانا يمتطيان دابة، صاح اسعد بوالده: من هو ذاك الخيال الذي يمر في الوادي بين الاشجار؟ فقال الوالد ما الذي تقوله؟ فقال له اسعد: انظر الى الوادي، فنظر الوالد الى هناك ليرى الخيال فعلاً، وبسرعةٍ نظر الى ولده فوجده مبصراً بعدما عاد النور الى عينيه، فعاد الى اهل قريته ليخبرهم بما حصل والايمان يغمر قلبه". هذه احدى معجزات كثيرة حصلت في قرية أبو قمحة ببركة مار جرجس.

فهل من اهتمام بهذه القرية وبتراث شفيعها مار جرجس الذي تركه مبصوماً ومثبتاً على تلك الصخرة المباركة؟
سعيد معلاوي

Annahar 30-4-2011